منذ انطلاقتها الأولى قبل أكثر من ثلاثة عقود، استطاعت سلسلة Mario Kart أن ترسم لنفسها مكانة خاصة في قلوب اللاعبين من مختلف الأجيال. فهي لم تكن مجرّد لعبة سباق، بل كانت مساحة للمرح والمفاجآت والصراعات العفوية التي يمكن أن تُقلب نتيجتها في اللحظة الأخيرة. واليوم، مع إصدار Mario Kart World على جهاز Nintendo Switch 2، تحاول Nintendo أن تُحافظ على هذا الإرث العريق، مع تقديم بعض الإضافات الجديدة… وإن كانت محدودة في تأثيرها.
من اللحظات الأولى للعب، يشعر اللاعب بأن اللعبة تحتفظ بجوهر السلسلة. التحكم سلس كالعادة، وتصميم السباقات يُحافظ على نمط اللعب السريع والمُشوّق. ما زال عنصر العشوائية في توزيع الأدوات يلعب دورًا كبيرًا في قلب مجريات السباق، وما زال الضحك والحماس جزءًا لا يتجزأ من كل جولة.
محاولة للتجديد… ولكن دون الجرأة الكافية
الإضافة الأبرز التي قدمتها Nintendo في هذا الإصدار هي طور Free Roam، الذي يسمح للاعبين بالتجول بحرية في عالم مفتوح بعيدًا عن قيود الحلبات التقليدية. فكرة مشوقة في ظاهرها، خصوصًا مع المهام الجانبية والتحديات الصغيرة المنتشرة في البيئة. العالم مليء بالألوان والحيوية كعادة Nintendo، والتحكم بقي مستقرًا حتى خارج أجواء السباقات.
لكن رغم الجاذبية البصرية، يبقى هذا الطور محدودًا من حيث المضمون. فالعالم يبدو فارغًا نسبيًا بعد فترة قصيرة من اللعب، والنشاطات المتاحة فيه تتكرر بسرعة ولا تقدم عمقًا كافيًا ليُبقي اللاعب مهتمًا لفترة طويلة. من الواضح أن الفكرة واعدة، لكنها لم تتلقَّ الدعم التطويري الكافي لتصبح ميزة محورية في اللعبة.
محتوى تقليدي أقل مما نطمح إليه
ورغم الجهود المبذولة في طور Free Roam، يبدو أن هذا التوجه جاء على حساب السباقات الأساسية، التي تُعد العمود الفقري للسلسلة. عدد المضامير في Mario Kart World أقل من المتوقع، واعتمدت Nintendo على تغييرات شكلية في بعض المسارات مثل التبديل بين النهار والليل، بدلاً من تقديم مضامير جديدة كليًا بتصاميم مبتكرة. هذا النقص الواضح في المحتوى سيُلاحظه عشّاق السلسلة بسرعة، خصوصًا أولئك الذين اعتادوا على مكتبة سباقات ضخمة ومتنوعة.
قائمة شخصيات محدودة وتجربة قيادة مكرّرة
من الجوانب الأخرى التي أثارت ملاحظات اللاعبين، محدودية الشخصيات القابلة للعب. غياب شخصيات شهيرة مثل Link وKirby ترك فراغًا واضحًا، خصوصًا وأنهم كانوا جزءًا محبوبًا من الإصدارات السابقة. كما أن الشخصيات المتوفرة لا تقدّم فروقات حقيقية في أسلوب اللعب، مما يجعل تجربة السباق معهم تبدو متشابهة إلى حد كبير.
وما زاد من هذا الشعور هو غياب نظام التخصيص بالكامل. فلا يمكن للاعب تعديل مركبته أو اختيار مكونات تؤثر على الأداء أو الشكل. جميع اللاعبين يقودون مركبات متشابهة من حيث الخصائص، وهو ما أفقد اللعبة طابعها الشخصي الذي كان يُميز الإصدارات السابقة. في السابق، كان تخصيص المركبة يمنح اللاعب إحساسًا بالتحكم والتفرد، أما هنا فالخيارات تكاد تكون معدومة.
متعة السلسلة ما زالت حاضرة… ولكن
ورغم هذه التحفظات، لا يمكن إنكار أن Mario Kart World ما زالت تحتفظ بروح السلسلة. السباقات لا تزال ممتعة، والعناصر العشوائية تضيف لمسة من المفاجأة في كل لحظة. التجربة الجماعية سواء على نفس الشاشة أو عبر الإنترنت لا تزال قادرة على خلق لحظات من الفوضى الجميلة التي تُميز Mario Kart عن أي لعبة سباق أخرى.
ورغم أن طور Free Roam لم ينجح تمامًا في تقديم تجربة متكاملة، إلا أنه خطوة أولى جريئة. ومع بعض التطوير والتحسين في المستقبل، قد يتحوّل إلى ركيزة أساسية تضيف أبعادًا جديدة للسلسلة. ولكن في صورتها الحالية، تبدو اللعبة وكأنها تدور في منطقة الأمان دون أن تخاطر بالخروج منها.
إيجابيات:
- سباقات ممتعة وسلسة
- رسومات مبهجة وأداء مستقر
- طور Free Roam يُضيف بُعدًا مختلفًا (رغم محدوديته)
سلبيات:
- نقص في عدد المسارات
- غياب شخصيات أيقونية
- عدم وجود تخصيص للمركبات
- محتوى Free Roam سطحي وقابل للتكرار
هل جرّبت Mario Kart World؟ وهل ترى أن السلسلة تحتاج إلى ثورة في التصميم أم أن الحفاظ على الكلاسيكية هو سر نجاحها؟ شاركنا رأيك عبر Tunisian Gamers TV.
التقييم النهائي: Mario Kart World هي لعبة ممتعة، لا شك في ذلك. لكنها لا تقدّم قفزة نوعية تليق بجهاز Nintendo Switch 2. المحتوى المحدود، غياب الشخصيات الأساسية، وانعدام التخصيص يجعل منها تجربة مسلية ولكنها تفتقر للعمق. اللعبة تحافظ على سحر السلسلة، لكنها بحاجة إلى المزيد من الجرأة والتجديد في الإصدارات المقبلة. – GlaDio