في لحظة هزّت مجتمع الشطرنج الإلكتروني العالمي، نجح الأستاذ الكبير الهندي نيهال سارين في تحقيق مفاجأة مدوية بإقصائه للنجم الهولندي المصنف الأول أنيش غيري من دور الـ16 في كأس العالم للشطرنج الإلكتروني 2025. لكن لم يكن الفوز وحده هو ما تصدّر العناوين، بل كان رد فعل غيري بعد المباراة هو ما أشعل الجدل.

ففي مقطع مصوّر انتشر بشكل واسع عبر الإنترنت، ظهر غيري وهو يضرب فأرة الكمبيوتر (الماوس) بعصبية عقب خسارته، في تصرف غير معتاد من لاعب يُعرف برصانته وهدوئه. هذا المشهد أثار نقاشات واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول الضغط النفسي في المنافسات الإلكترونية عالية المستوى، والجانب الإنساني الذي أصبح أكثر وضوحًا في بطولات الشطرنج الحديثة.
نجوم صاعدون تحت الأضواء الرقمية
يُعد فوز سارين بمثابة لحظة فارقة في مسيرته وفي صعود الجيل الجديد من لاعبي الشطرنج في الهند. فعلى الرغم من أنه لا يزال في الـ21 من عمره، أظهر نضجًا تكتيكيًا وثباتًا ذهنيًا لافتًا خلال المواجهة، خصوصًا في الجولة السريعة الفاصلة التي حسمت التأهل بعد تعادل اللقاءات الكلاسيكية.
إلى جانبه، واصل الأستاذ الكبير أرجون إيريغيسي مسيرته القوية أيضًا بوصوله إلى ربع النهائي، مما يعزز من مكانة الهند كقوة عظمى جديدة في عالم الشطرنج، سواء على الرقعة أو في الساحة الإلكترونية.
عصر جديد للشطرنج الإلكتروني
بطولة كأس العالم للشطرنج الإلكتروني في الرياض ليست مجرد منافسة أخرى، بل تمثل اندماجًا فريدًا بين الشطرنج التقليدي وأجواء الرياضات الإلكترونية الحديثة. تتضمن البطولة تحليلات مباشرة، تعليقات تفاعلية من الجمهور، وتقنيات عرض رقمية تجذب المشاهدين وتقرّب اللعبة إلى جماهير جديدة.
وقد تجاوز عدد مشاهدات البطولة 10 ملايين مشاهدة عبر منصات Twitch وYouTube، وساهمت لحظات درامية مثل انفعال غيري في هذا الرقم القياسي.
منصتا Chess.com وLichess أبلغتا عن زيادات ملحوظة في عدد المستخدمين بعد انتشار المقطع، وأصبح هاشتاغ “#غضب_غيري” رائجًا على منصة X (تويتر سابقًا)، بينما امتلأ منتدى r/chess على Reddit بالميمز والتحليلات والمناقشات الساخنة.
الروح الرياضية والضغط النفسي
في أول تعليق له بعد المباراة، غرّد غيري على حسابه قائلاً: “كانت لحظة إنسانية في لعبة تتطلب طاقة خارقة.” وأشاد بأداء سارين معتبرًا إياه مثالًا يحتذى به في الصبر والتركيز، مضيفًا أن “الشطرنج اليوم بات مشحونًا عاطفيًا كأي رياضة إلكترونية كبرى.”
من جانبهم، أشار عدد من المتخصصين في علم النفس الرياضي إلى أن مثل هذه اللحظات تكشف الضغوط الحقيقية التي يعانيها اللاعبون. تقول د. لينا فوس، أخصائية نفسية تعمل مع لاعبي الرياضات الإلكترونية: “الخط الفاصل بين الشطرنج التقليدي والإلكتروني أصبح شبه معدوم، والتأثير النفسي يتضاعف في ظل الضغط الزمني والمنافسة العالمية.”
ماذا بعد؟
سيواجه نيهال سارين نظيره الروسي دانييل دوبوف في ربع النهائي يوم الجمعة، بينما يلتقي أرجون إيريغيسي مع الأمريكي هيكارو ناكامورا في مواجهة يعتبرها الكثيرون نهائيًا مبكرًا.
وبصرف النظر عن من سيتوّج باللقب، فقد أثبتت هذه البطولة أن الشطرنج الإلكتروني أصبح جزءًا لا يتجزأ من مشهد الرياضات الرقمية، بما يحمله من إثارة، توتر، ودراما لا تقل عن أي منافسة كبرى.